ما هي أوراق زينر؟

1 month ago
46

هل سبق لك أن تساءلت عن حدود الإدراك البشري؟ هل من الممكن أن نمتلك قدرات خارقة للطبيعة، مثل التخاطر؟ لطالما سحرت هذه الأسئلة العقول، وقد حاول العلماء والباحثون على مر التاريخ إيجاد إجابات لها. أحد أهم الأدوات المستخدمة في دراسة هذه الظاهرة هي أوراق زينر.

أوراق زينر هي مجموعة من 25 بطاقة، كل خمس بطاقات تحمل رمزًا مختلفًا: دائرة فارغة، علامة زائد، ثلاثة خطوط متموجة رأسية، مربع فارغ، ونجمة خماسية فارغة. صممها عالم النفس الإدراكي كارل زينر في ثلاثينيات القرن العشرين، بالتعاون مع الباحث في علم النفس الخارق جيه. بي. راين، لإجراء تجارب على الإدراك الحسي خارج الحواس (ESP).

تتم التجربة ببساطة: يقوم المُجرب بشطف مجموعة الأوراق، ويرفع بطاقة واحدة، ثم يسأل الشخص المُختبر عن الرمز الموجود على البطاقة دون رؤيته. تتكرر العملية حتى يتم استخدام جميع البطاقات. لكن، يبدو أن الأمر ليس بهذه البساطة.

فقد أظهرت الدراسات أن طرق شطف الأوراق غير الجيدة يمكن أن تجعل ترتيبها قابلاً للتنبؤ، وقد يتم تمييز البطاقات أو التلاعب بها عمدًا أو دون قصد. لذلك، انتقد العديد من الباحثين تجارب راين، مشيرين إلى وجود "تسريب حسي" أو غش، أو كليهما. فقد لاحظ البعض أن المُختبر قد يكون قادرًا على رؤية الرموز من خلال انطباعات طفيفة على ظهر البطاقات، أو من خلال ملاحظة تعبيرات وجه المُجرب وحركات تنفسه.

كتب تيرانس هينز عن تجارب راين الأصلية قائلاً: "كانت الأساليب التي استخدمها راين لمنع المُختبرين من الحصول على تلميحات حول تصميم البطاقات غير كافية تمامًا". وبالفعل، بمجرد اتخاذ راين احتياطات إضافية، لم يعد قادرًا على إيجاد أي مُختبرين يحققون درجات عالية.

أظهرت العديد من الدراسات أن نتائج اختبارات أوراق زينر تتوافق مع التوزيع الطبيعي المتوقع، بناءً على الصدفة. فمثلاً، من المتوقع أن يحصل 79.3% من الأشخاص على 3 إلى 7 إجابات صحيحة من أصل 25 بطاقة، بينما يحصل 10.9% فقط على 8 إجابات صحيحة أو أكثر. أما احتمال الحصول على 20 إجابة صحيحة أو أكثر فهو ضئيل للغاية.

في النهاية، أظهرت العديد من الدراسات أن النتائج الإيجابية التي أُعلن عنها في تجارب أوراق زينر كانت في الغالب نتيجة لأخطاء منهجية أو غش. لكن هذه التجارب أثارت تساؤلات مهمة حول حدود الإدراك البشري، ودفعت إلى تطوير أساليب بحثية أكثر دقة في مجال دراسة الظواهر الخارقة. ويكمن الدرس هنا في ضرورة التشكيك والتحقق الدقيق، مهما بدت النتائج مثيرة للاهتمام. فالعلم يعتمد على الدقة والموضوعية، والتجربة الجيدة هي تجربة قابلة للتكرار والتحقق.

Loading comments...